الحريري رأى أن السلاح بات مشكلة وطنية يلزمها حل:"بكل بساطة مش ماشي الحال"
Read this story in Englishاستهل رئيس حكومة تصريف الأعمال كلمته أمام وفود شعبية وسياسية زارته في بيت الوسط مذكرا أن "قوى 14 آذار انتظرت شهراً كاملاً جواب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حول ثلاث نقاط هي إلتزام الحكومة العتيدة إنهاء غلبة السلاح في الحياة السياسية في لبنان، وإلتزامها المحكمة الدولية والتزامها دستور الطائف، لافتا الى الجواب لم يأت ، ولهذا السبب جاء إعلان قوى الرابع عشر من آذار أن لا إمكان لها في هذه الحكومة"،
وأكد الحريري خلال كلمة له بعد إجتماع البريستول مساء الأحد والذي أعلنت بعده قوى 14 آذار عدم مشاركتها في الحكومة, أن "غلبة السلاح في الحياة السياسية والثقافية في لبنان هي المشكلة التي تمنع إنتظام الحياة العامة في بلدنا"، لافتا أن "هناك من خرج ليقول أن السلاح هو تفصيل وأن المشكلة هي المقاومة، أي أننا لدينا مشكلة مع مقاومة إسرائيل".
وعليه، قال :"نحن نقول بوضوح لا، المشكلة ليست المقاومة ضد العدو الخارجي، غير اللبناني،غير العربي، الذي لا عدو لنا غيره، وهو إسرائيل"، معتبرا أن المشكلة هي مع غلبة السلاح على أخيكم اللبناني العربي، وعلى الحياة في لبنان.
وتوجه الحريري الى حزب الله وحلفائه دون تسميتهم بالقول:"المشكلة هي عندما تقولون أن هذا السلاح لن يستخدم في الداخل، ثم نجد هذا السلاح لا شغل ولا عمل له إلا الداخل، منذ اليوم المجيد في 7 أيار 2008، وكيف ننسى اليوم المجيد، يوم البلطجة ببيروت والجبل وبأهل بيروت والجبل"، مشيرا الى أن "المشكلة هي عندما تقولون قبل الانتخابات النيابية الأخيرة أنكم لا تريدون دخول الحكومة إذا خسرتم الانتخابات، ثم تخسرونها وتقولون: لا يفكـرن أحد بحكومة ليس لنا فيها الثلث المعطـل، وإلا فالسلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم".
وأضاف:"المشكلة هي أنكم عندما ندعوكم بعد خسارتكم الإنتخابات لشراكة حقيقية في حكومة الوحدة الوطنية، تدخلون سلاحكم معكم إلى الحكومة، وتضعونه على طاولة مجلس الوزراء، فيصبح كل قرار، خاضعاً لإرادتكم وحدكم، والمشكلة هي أنكم توقعون تعهدات في الدوحة بعدم استخدام السلاح وسيلةً للعنف السياسي في الداخل، وبعدم تعطيل جلسة لمجلس الوزراء، ويشهد على توقيعكم أمير قطر وقادة عرب والجامعة العربية، ثم تستهلكون نصف عمر الحكومة وأنتم تعطـلون مجلس الوزراء".
وذكر الحريري قوى 8 آذار أنه وقع تعهدات في الدوحة، بأنها لن تستقيل من الحكومة ثم استقالت، معتبرا أن كل هذا يعود لسبب أن السلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء البلد، مؤكدا أن المشكلة تكمن في أن الفريق الآخر طالب فور استقالته باستشاراتٍ نيابية عاجلة وطارئة، وعندما اكتشف أن الأكثرية النيابية التي نتجت عن إنتخابات ديمقراطية حملت تكليفاً واضحاً من الناخبين، ستصوت في اتجاه لا يعجبكم، أجلتم الاستشارات تحت تهديد أنها لو لم تؤجل.
وتابع:"تغيرون الأكثرية تحت تهديد أنه لو بقي بعض النواب على رأي ناخبيهم فهذا السلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم، مشددا على أن "المشكلة هي عندما تشاركون في صياغة إجماع بشأن المحكمة الدولية، على طاولة الحوار الوطني وإجماع لحل مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخل المخيمات، ثم تعطـلون تنفيذ قرارات إلتزمتم بها".
وفي السياق عينه، حمل الحريري الفريق الآخر مسؤولية منعهم وإفشالهم لمؤتمر المصالحة والمسامحة الشاملة التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز بين جميع اللبنانيين عن كل الماضي إستقوائا بالسلاح، مشيرا الى أن كل ما سمع عن المبادروة هو مجرد تخوين.
وقال الحريري:"لقد مل التخوين منكم، بقدر ما مل اللبنانيون واللبنانيات من غلبة السـلاح، ولغة السـلاح، السلاح الجاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم، مرةً لخلاف على موقف لسيارة في عائشة بكار ومرةً أخرى في برج أبي حيدر"، معتبرا أن "كل هذا لجر البلد إلى محور إقليمي لا علاقة له لا بلبنان ولا بالعروبة، ولا يريده اللبنانيون من أساسه".
وأكد الحريري في كلمته أنه قرر وحلفائه القول ما يقوله كل لبناني وكل لبنانية في بيته كل يوم: "أن هذا البلد لن يستقيم بنظامه، وحياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والدستورية وحق أهله في الأمن والأمان، طالما هذا السلاح جاهز للاستخدام ضد أبناء بلدكم".
ولفت غامزا من قناة حزب الله الى أن السلاح الجاهز ضد أبناء البلد يجعلكم "تعتقدون أن بإمكانكم أن تضعوا يدكم على البلد، أن تعلـبوا الانتخابات في الجنوب والبقاع الشمالي والضاحية الجنوبية وحيثما وجد السلاح، و أن تفرضوا من تريدون في رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة حتى عندما تكون الأكثرية ليست في يدكم، وأن تحاولوا تهشيم صورة رئيس الجمهورية كما تفعلون الآن".
وفي هذا السياق شدد الحريري بالقول :"لا مش ماشي الحال"، نحن قررنا أن نقول لكم بكل بساطة: "مش ماشي الحال". وأن نقول لكم بكل بساطة أن يكون معكم سلاح، فلا يعني أن معكم حق"، مشيرا الى أن "قد يكون السلاح غلبة، لكن السلاح ليس أكثرية".
كما رأى أن الأكثرية هي التي تفرزها صناديق الاقتراع، وهي التي تعبـر عن رأيها في المجلس النيابي، من دون سلاح، مؤكدا أن "الأكثرية هي أكثرية الشعب اللبناني التي نزلت في 14 آذار 2005 من دون سلاح لترفض وصاية النظام الأمني على دستورنا وحياتنا الوطنية، وهي التي قررت النزول في 14 آذار 2011 لترفض وصاية السلاح على دستورنا وحياتنا الوطني".
وإذ أصر الحريري على قول هذه الحقائق البسيطة الواضحة، بكل هدوء ومسؤولية، و ديمقراطية، أكد أنه وحلفائه سيقولها بكل الوسائل السلمية المتاحة، معتبرا أن "مشكلة السلاح باتت مشكلة وطنية بامتياز، ويلزمها حل وطني قبل أي شيء آخر، لأنها باتت تسمم كل شيء آخر".
ورفض الحريري السماح لمشكلة السلاح بتسمـيم ذكرى شهدائنا، وشهداء ثورة الأرز وشهداء المقاومة في وجه إسرائيل، ولا إرادة اللبنانيين الصادقة بسعيهم الذي لن يتوقف نحو الحقيقة والعدالة".
وختم جازما "سنبقى نقول مع كل اللبنانيين لبنان أولاً والدولة أولاً، وليس السلاح أولاً، الشعب أولاً، وليس الشعب تحت غلبة السلاح والمحكمة الدولية أولاً"، لافتا الى أن اغتيال رفيق الحريري لم يكن حادثاً، واغتيال شهداء ثورة الأرز لم يكن صدفةً.
وكان الحريري قد أكد في حديثه الى جريدة الـ"مستقبل" أن ان قوى "14 آذار" "لن تدخل حكومة شطب المحكمة الدولية الخاصة بلبنان".
وأوضح أن "14 آذار" رأت أن "مصلحة لبنان واللبنانيين هي في الانتقال إلى معارضة وطنية حقيقية تتجاوب مع متطلبات النظام الديمقراطي وتحمي البلاد من النزوع الخطير نحو تخطي الدستور والطائف وتحكيم منطق القوة والغلبة على منطق المشاركة الحقيقية في إدارة شؤون البلاد".
واشار الحريري الى ان الانتقال الى المعارضة جاء "لأسباب موضوعية، لا ترتبط بالصراع الدائر على توزيع الحصص في الحكومة، ولا بأحجام التمثيل، إنما هي مسألة مبدئية تتعلق بسؤالين وضعناهما منذ اليوم الأول أمام الرئيس المكلف وما زالت الأجوبة عليهما تصل إلى اللبنانيين بشكل ضبابي وفي محاولة للتلاعب على الألفاظ، واختراع مصطلحات في شأن تحقيق العدالة ومسار المحكمة الدولية. وكذلك الأمر في شأن مسألة تتصل بغلبة استخدام السلاح على الحياة الدستورية والسياسية والوطنية في بلدنا".
ورأى الحريري انهم "يريدون منا الذهاب إلى حكومة تشطب المحكمة الدولية من البيان الوزاري وتطلب من فئة كبيرة من اللبنانيين الالتحاق بمحور خارجي سبق أن وصفناه بأنه لا علاقة له لا بلبنان ولا بالعروبة".
وشدّد على ان "14 آذار" رأت أن مصلحة لبنان الانتقال إلى معارضة وطنية حقيقية من شأنها أن تحمي البلاد من النزوع الخطير نحو تخطي الدستور والطائف وتحكيم منطق القوة والغلبة على منطق المشاركة الحقيقية في إدارة شؤون البلاد على أساس ما يقرره الناخبون في صناديق الاقتراع.
واذا كان قرار نواب "14 آذار" أمس هو بداية العمل للإعداد للإنتخابات النيابية المقبلة في 2013، رأى ان "العمل السياسي في النظام الديموقراطي يتعلق دائما بما تقرره إرادة الناخبين في الانتخابات، بغض النظر عن الموقع في المعارضة أو السلطة. لكن هذا الأمر تحديدا لا يتعلق بالسلطة، إنما كما قلت يتعلق بأمور مبدئية باتت تؤثر على انتظام الحياة العامة ولم يعد بالإمكان تجاوزها في أي استحقاق، أكان تشكيل حكومة أم التحضير لانتخابات نيابية".
وذكّر الحريري بأنه "سبق أن فازت قوى "14 آذار" في انتخابات 2005 ثم في انتخابات 2009، وهي انتخابات منعوا بغلبة السلاح، في 7 أيار 2008 وفي مناسبات عديدة أخرى، وضع نتائجها موضع التنفيذ، فتمت عرقلة تشكيل الحكومات ومن ثم تعطيلها وتعطيل المؤسسات الدستورية".
وشرح الحريري ان "اللبنانيين يعرفون كل هذه الحقائق، وسيكون من حقهم أن يراهنوا على الانتخابات المقبلة باعتبارها السبيل الوحيد لانقاذ النظام الديموقراطي من غلبة استخدام السلاح في الداخل والحملات المتتالية للالتفاف على الدستور والقوانين".
وعن ما يقصده الحريري بعبارة "العودة إلى الجذور التي لن اتخلى عنها"، ردّ بأنه "لقد كنت واضحا في أن دخولي إلى السياسة كان سببه استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وأن دخولي إلى العمل الوطني أنطلق مع التظاهرة اللبنانية الجامعة في 14 آذار من العام نفسه. وصفت هذين الحدثين بأنهما يمثلان العودة إلى الجذور السياسية، وذلك في ردّ مباشر على محاولات اقتلاع جذور لبنان العربية، إلحاقه بمحاور إقليمية قلت عنها أنها لا تمت إلى العروبة ولا إلى لبنان بصلة".
واضاف الحريري "أنا أعتبر أن جذورنا العربية راسخة وضاربة في التاريخ. لكني أضيف أنني وعائلتي لدينا أيضا جذور الوفاء التي ستبقى أصيلة فينا، ونربي أولادنا عليها جيلا بعد جيل، كما ربانا رفيق الحريري. إنها جذور الوفاء للمملكة العربية السعودية وقيادتها والتي أعبر عنها بكل فخر وصدق بتأكيدي الوفاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز".
وعن مبادرة "س.س"، ذكر الحريري ان "تسميتها إعلامية، أعلم أنها راجت كثيرا على ألسنة الصحافيين والسياسيين في لبنان والعالم العربي، لكن ما يعنيني شخصيا من كل هذه التسميات أن هذا الجهد هو نتيجة رغبة وإرادة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، لأنها تأتي أولا ممن اعتبره والدا وقائدا وأمينا على مصالح لبنان والعرب جميعا، وثانيا لأنني رأيت فيها فرصة تاريخية لم تتسن للبنان من قبل لكي يتصالح جميع اللبنانيين ويتسامح جميع اللبنانيين عن كل الماضي".
وعن عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الى السعودية، اوضح الحريري انها "فرحة لكل العرب الذين يجدون في عافية الملك، عافية لحاضرهم ومستقبلهم".
وخلص: "إن حصتنا في لبنان كبيرة من هذه الفرحة، لأننا أكثر من يعلم كم وقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى جانب بلدنا، وبشكل خاص الجهد الكبير الذي تولاه شخصيا لتجنيب لبنان عوامل الانقسام الأهلي والفتنة بين أبنائه".