عيد الأم لبنانيا: ذكرى مؤلمة لللعديد من اللواتي فقدن أبناءهن على أمل العودة
Read this story in Englishتملك هناء التي اختفى ابنها خلال الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990)، حلما وحيدا: "أن أراه، ثم اموت". وهي واحدة من كثيرات اعتصمن الاثنين في بيروت للتذكير بقضيتهن المزمنة: كشف مصير احباء يعتقدن انهم اعتقلوا او فقدوا في سوريا.
ولمناسبة عيد الام الذي يحتفل به لبنان في 21 آذار من كل سنة، دعت "لجنة اهالي اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية" وجمعيات اخرى تهتم بقضية مفقودي الحرب في لبنان الى "ساعة تضامن" الاثنين في خيمة في وسط بيروت تشهد منذ ست سنوات اعتصاما متواصلا لناشطات واقرباء مئات اللبنانيين المفقودين.
المناسبة، رغم مرور الوقت، تبقى حزينة، والعيون دامعة. وتقول هناء ان نجلها اوقف العام 1988 على ايدي القوات السورية التي كانت منتشرة في لبنان، "ومنذ ذلك الحين، لم اعرف عنه شيئا. كل ما اريده ان اراه لمدة ساعة قبل ان اموت".
على مدخل خيمة الاعتصام، والى جانب صور لعدد من الشبان معظمها بالاسود والابيض، علقت عبارة جاء فيها "ماما، ما رجعوا".
وكتب على لافتة اخرى، في اشارة الى الرئيس السوري بشار الاسد، "حرام عليك يا بشار، ربع قرن كفاهم ظلما، 25 عاما في السجون السورية".
وتقول هناء التي غزت التجاعيد وجهها رغم انها لا تزال في الستين، "حتى لو بلغت المئة، ساظل ابحث عن مصطفى. بالنسبة الي عيد الام ليس عيدا البتة."
كان مصطفى في السادسة عشرة عندما خرج من المنزل في طرابلس (شمال) للاحتفال بعيد الاضحى، ولم يعد. وتؤكد والدته انه لم يكن ينتمي الى اي حزب.
وتطالب عائلات اللبنانيين الذين اختفوا او اعتقلوا في سوريا منذ سنوات بالافراج عن اقربائهم او بكشف مصيرهم.
وتقول منظمات لبنانية غير حكومية ان عدد هؤلاء المفقودين يصل الى 650، مشيرة الى وجود تقارير و"ادلة" حول اعتقالهم خلال اوقات متفاوتة في سجون تابعة للاستخبارات السورية.
وتنفي سوريا وجود معتقلين لبنانيين لديها، الا انها افرجت خلال السنوات الاخيرة عن سجناء كانت اسماؤهم واردة على لوائح المفقودين.
ووزع المعتصمون الاثنين مناشير تحمل توقيع "خيمة اهالي ضحايا الاخفاء القسري"، وتنتقد عدم ايلاء المسؤولين اللبنانيين اهتماما بقضيتهم.
ومما جاء في المنشور "من قال ان المجرم هو فقط من خطف اولادنا؟ المجرم هو ايضا من يسكت عن الجريمة وعمن ارتكبها... سواء كان في الحكم او خارجه، في 8 آذار او 14"، في اشارة الى الفريقين السياسيين الاساسيين في لبنان: قوى 8 آذار المتحالفة مع سوريا، وقوى 14 آذار المدعومة من الغرب.
وتم في 2008 تفعيل لجنة لبنانية سورية من اجل كشف مصير المفقودين من البلدين خلال الحرب الاهلية، من دون ان تنجز شيئا على ارض الواقع.
كما أثار رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري القضية لدى زيارته سوريا بعد تسلمه رئاسة الحكومة في نهاية العام 2009، من دون اي نتيجة عملية.
وتقول هناء "هذا الشك الذي نعيش فيه يترك حرقة في قلوبنا".
وتضيف "اعرف مدنا سورية عديدة غيبا لكثرة ما زرتها بحثا عن ولدي: دمشق، صيدنايا، وغيرها... دفعت اموالا كثيرة، وأعطيت بعض السوريين ألماسا، ليخبروني اي شيء، من دون جدوى".
وتشير الى انها استدعيت الى سوريا حوالى عشرين مرة، من دون ان ترى ابنها مرة واحدة. "الا ان الذين خرجوا من السجن، اكدوا لي انهم رأوه".
وتنتمي النساء المعتصمات، والى جانبهن، ناشطون، الى كل الطوائف والمناطق اللبنانية.
وتقول ماري غاوي (67 عاما) "هؤلاء الزعماء، اليس لديهم اولاد؟ هل يمكنهم ان يغمضوا اعينهم اذا كانوا لم يروا ولدهم منذ 25 عاما؟".
وتقول ماري ان ابنها جورج كان مؤيدا لحزب الكتائب المسيحي عندما خطفه مسلحون من حركة امل الشيعية المتحالفة مع سوريا.
وتضيف متأثرة "اول هدية قدمها لي لمناسبة عيد الام عندما كان طفلا، كانت فناجين قهوة".
وتقول سميرة زخريا (79 عاما) بصوت متهدج بسبب الدموع "السوريون يؤكدون ان ليس لديهم احد، الا ان سجينا سابقا اكد لي انه رأى ابني اسكندر في سجن المزة" السوري.
وتتذكر باكية "كان في السادسة والعشرين. وكان موظفا في مصرف ويكره السياسة. دخل ثلاثة رجال منزلنا واخذوه".
وتروي ساميا عبدالله ان اقسى ما مرت به هو رؤية والدتها تموت قبل تسع سنوات من دون ان تعرف مصير ابنها عماد الذي اختفى في 1984 وكان في العشرين من عمره.
وتقول "كانت تطلب منا ان نقسم بعدم نسيان عماد"، مضيفا ان شقيقها "كتب لنا رسالة بواسطة عيدان كبريت في 2003. نعرف انه حي، ونأمل برؤيته قريبا".