الراعي في حفل توليته: صفير ناضل ضد الإحتلال والوصاية وإحتكار فئة للبنان احتقار للجميع
Read this story in Englishاستهل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كلمته خلال مراسم إحتفال توليته بطريركا جديدا للطائفة المارونية في احتفال ديني ضخم على مذبح "كابيلا القيامة -البطريرك صفير" في الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي( مقر بطريركية انطاكية وسائر المشرق) بحضور رسمي وعربي ودولي، قائلا:"الروح القدس يحل عليك يا مريم والقدوس المولود منك يدعى ابن الله، الشركة والمحبة التي اتخذتها شعارا لخدمة البطريركية تجلت، الروح القدس ثمرة الحب الالهي والبشرية دخلت بشخص مريم الأم البتول في شركة مع الله الواحد والثالوث ساعة أعطت جواب نعم، المفعم بالايمان وقالت أنا خادمة الرب فليكن لي".
وتطرق الراعي بمناسبة عيد البشارة مذكرا أن "حدث البشارة نقله لوقا الانجيلي رواه من بعده القرآن في سورة آل عمران"، مشددا على أنه حدث مشترك بين المسيحية والإسلام جعلته الدولة اللبنانية عيدا وطنيا، وكأني بها تعني هذه المبادرة أن لبنان وطن الشركة والمحبة".
وعليه، أكد الراعي أن "لبنان وطن الشركة والمحبة بميثاقه الوطني، ميثاق العيش المشترك المحصن بالدستور، لافتا الى أن "الميثاق الوطني قائم على الاعتراف المتبادل بعضنا ببعض، ووحدة المصير والتكامل في تكوين النسيج الوطني الواحد، وبصفته المرتكزة على المشاركة في الحكم والإدارة بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين".
وأضاف:"شركة ومحبة رافقت حياتي منذ ولادتي حتى عمادتي ورافقتني راهبا وكاهنا ثم أسقفا نائبا بطريركيا عاما في بكركي، ومن بعدها مطرانا على أبرشية جبيل"، مشيرا الى أن "هذه الشركة أعربت عنها والتمستها من الباب، فمنحني أياها قداسته بعطفه ومحبته، كراع أسمى للكنيسة الجامعة".
وإذ توجه في كلمته الى البطريرك صفير قائلا:" منذ 25 سنة وضعت يديك المباركتين علي ونصبتني أسقفا ، واليوم بوضع يديك المقدستين تجلسني على عرشة بطريركية انطاكيا خليفة لك أبا ورأسا لكنيستنا المارونية"، أعرب الراعي لغبطتة البطريرط صفير وللسادة الموارنة عن شكره الكبير لهم ، واعدا أن يواصل عيشه بالشركة والمحبة.
كما توجه الراعي الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قائلا:" في هذا اليوم المبارك يطيب لي أن أعرب عن محبتي وشكري لكم يا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان".
وقال:"يا فخامة الرئيس، الله دعانا معا وعلى التوالي أنت أولا وأنا من بعدك من حكمته وعنايته من بلاد جبيل من عمشيت، ونحن فيها جيران وأنتم دعيتم لرئاسة بلادنا وأنا لرئاسة كنيستنا، نسأل الله أن يقود خطاكم وخطايا بالشركة والمحبة لقيادة الوطن والكنيسة".
وأردف:"بالشركة والمحبة أتعاون معكم يا رئيس مجلس النواب نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الدين الحريري ودولة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي"، متمنيا أن يعيش الجميع في لبنان معا الشركة بالمحبة الذي مجده في رسالته".
هذا ورأى الراعي على أن المجد يعطى للبنان وشعبه، موضحا أن الوطن "ليس لطائفة أو حزب أو فئة"، رافضا أن "يحتكر أحدا لبنان، لأن في احتكاره احتقار لنا جميعا و فقدانا لهذا المجد الذي عظمته في تنوع عائلاته الروحية وغناها".
وشرح "لا أقول في تنوع طوائفه لأنها صبغت للأسف بألوان حزبية ضيقة انتزعت منها قدسيتها وأصالة ايمانها وروحانية دينها، ولنقلها مع ابن الأرز جبران خليل جبران: الويل لأمة كثرت فيها الطوائف وقل فيها الدين".
وفي السياق عينه، ذكَر الراعي أن مصير واحد يربط بين المسيحيين والمسلمين في لبنان وسائر بلدان المنطقة، معربا عن أسفه لوقوع قتلى وجرحى في الأحداث التي تشهدها البلدان العربية والمنطقة.
الى ذلك، أوضح الراعي أن برنامج خدمته "امتداد لتاريخ أسلافي على مدى 1600 سنة، وامتداد لثوابتهم الايمانية والوطنية من الحدث المؤسس القديس مارون وتلامذته، ومن البطريرك الأول الذي ثبتنا على الكنيسة الكاثوليكية وجعل مقرها جبل لبنان، وصولا الى البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي ناضل لتحرير لبنان من كل الاحتلالات والوصايات".
وأكد الراعي أن برنامج خدمته سيكون بمؤازرة الجميع بأسلوب حديث وآلية فاعلة، معتبرا الشباب والـ300 ألف طالب وطالبة في المدارس والجامعات أمل الكنيسة والوطن"، مشيدا ومرحبا بحضور وانتشار وسائل الإعلام وتقنياتها".
وخلص البطريرك الراعي كلمته قائلا:"ضمانتنا المسيح رجاؤنا وروح القدس مجددنا ومحبة الله تظللنا، أبدأ خدمتي الروحية والرعوية بمؤازرتكم وبكلمة أمنا وسيدتنا مريم العذراء ها انا ذا مدرك بأنني أحمل الصليب".
وكان بدأ الإحتفال الذي ترأسه البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير عند الساعة الخامسة من بعد ظهر الجمعة، حضره كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري.
كما حضر الحفل عدد كبير من الوزراء والنواب ورؤساء أحزاب متمثلة برئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس جبهة النيضال الوطني النائب وليد جنبلاط، إضافة الى عدد من رؤساء الكتل النيابية وشخصيات سياسية وعدد كبير من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وفد من "حزب الله" برئاسة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، إضافة الى قادة الأجهزة العسكرية والأمنية، وحشد كبير من الشخصيات السياسية والديبلوماسية والعسكرية والقضائية والنقابية, بمشاركة فعاليات من كل الطوائف اللبنانية المتمثلة بحشد من رجال الدين والراهبات، والاعلاميين والاف المواطنين، إضافة الى حشد أجنبي وعربي واسع من بينهم ممثل الرئيس السوري بشار الأسد السفير علي عبد الكريم علي.
وتخلل الحفل كلمة لممثل السفير البابوي المطران غابريال كاتشيا، الذي ألقى رسالة باسم البابا بنديكتوس السادس عشر جاء فيها: "إن انتخاب غبطتكم بطريركا على أنطاكيا وسائر المشرق هو حدث استثنائي للكنيسة كلها، وخصوصا للكنيسة المارونية التي تمجد الثالوث الأقدس على هذه العطية التي تتمثل بغبطتكم.
و تقدم كاتشيا في كلمته "بأحر التهاني الأخوية"، داعيا "الله الى أن يرافقكم في إتمام مهمتكم الجديدة".
وأضاف:"من كل قلبي أمنحكم الشراكة الرسولية، بحسب العادة وتمنيات الكنيسة الكاثوليكية، إنه لفخر أن تكون كنيستكم مرتبطة منذ الجذور بالقديس بطرس الذي دعاه يسوع الى الحفاظ بالوحدة والحقيقة والمحبة، على كنيسته الوحيدة، وبحسب عادة قديمة وجميلة، اسم بطرس يضاف الى إسم البطريرك".
وقال:"أنا اكيد انه ستكون لديكم كل الشجاعة والحكمة لتوجيه الكنيسة المارونية، عملا بنصيحة خلفكم غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، وبالتعاون مع كل الأساقفة، وخصوصا بقدرة السيد المسيح المنتصر على الشر والموت بقيامة، ليوفقكم الله في عملكم لنشر كلمته المنقذة، فيجد كل المؤمنين عزاءهم في رعايتكم الأبوية لهم".
وخلص المطران كاتشيا "نطلب من السيدة العذراء، سيدة البشارة- وأنتم تحملون هذا الاسم، أن تجعلكم رسولا للوحدة، كي يتمكن اللبنانيون من تأدية دورهم، في الشرق وفي العالم كله، بارساء الوحدة والسلام، أمنحكم البركة البابوية، لكم ولكل الاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين.
وانتخب الاساقفة الموارنة بشارة الراعي بطريركا في 15 آذار/ خلفا للبطريرك صفير الذي قدم استقالته لتقدمه في العمر.
ويصادف هذا اليوم يوم عطلة رسمية في لبنان، وهو عيد بشارة مريم العذراء.
و كان الراعي أعلن بعد انتخابه أن "شركة ومحبة سيكون شعار خدمته البطريركية"، مؤكدا استعداده للقيام بزيارة راعوية لسوريا حيث عدد من الابرشيات المارونية.
والراعي هو البطريرك السابع والسبعون للموارنة الموجودين في لبنان منذ أكثر من 1500 سنة.
وأدى البطريرك صفير دورا بارزا في الحياة السياسية اللبنانية، لا سيما منذ انتهاء الحرب الاهلية 1975-1990. وكان أول من طالب بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان العام 2000، وبانسحاب الجيش السوري الذي انتشر في لبنان بين 1976 و2005.