اسباب السجال بين الحريري وايران... وشظاياه وصلت الى تأليف الحكومة
Read this story in Englishاكّد المراقبون ان السجال الحاصل بين ايران ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري "لا يتعدى الساحة الداخلية مؤشراً لكون لبنان لن يسلم من التوتر الاقليمي الذي بدأ قبل فترة طويلة وسابقة لما يجري في المنطقة العربية".
وابلغ مصدر سياسي بارز لصحيفة "النهار" ان "ما ظهر على السطح في موضوع العلاقات اللبنانية – الايرانية يعود الى مرحلة اعداد الحلّ الشامل الذي كانت ترعاه المملكة العربية السعودية وسوريا ضمن ما كان يطلق عليه "س – س" ليتبيّن ان سقوط هذا الحلّ جاء نتيجة اقصاء طهران عنه.
واضاف انه "قد تطوّر الامر لاحقاً الى اخراج الحريري من رئاسة الحكومة بفعل تجاوز الدستور وتبديل اكثرية نيابية جاءت وفقاً لتفويض واضح تحت وطأة السلاح والتهديد و"حمام دم".
واوضح ان "موقف الحريري من التدخل الايراني في لبنان هو جزء من مشهد عربي تحكمه مشكلة اسمها ايران مما يجعل 400 ألف لبناني يعملون في دول الخليج تحت طائلة قطع الارزاق، في حين ان هناك تقديرات لخسارة لبنان وصول 400 ألف سائح بعدما اوقفت شركات طيران رحلاتها الى بيروت تحت عنوان "ان الموقف الرسمي اللبناني هو موقف حزب الله".
واشار المصدر الى انه "لذا كانت للحريري كمسؤول مبادرة لحماية مصالح لبنان وكان اول الغيث اتصاله امس بملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة".
وشدّد المصدر على ان "شظايا هذا السجال وصلت الى عملية تأليف الحكومة الجديدة وذلك من خلال اضطرار رئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي الى انتقاد الحريري ضمناً بالقول انه "من غير المفيد اعلان مواقف من مسؤولين لا تعكس موقفاً لبنانياً واحداً"، وهو ما اعتبر لفتة ايجابية حيال "حزب الله" كي يواصل ميقاتي عملية التأليف".
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست دان امس الجمعة "التصريحات الواهية والمثيرة للتفرقة التي ادلى بها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري" معتبرا أن هذه التصريحات "لا تصب بمصلحة لبنان".
كما أفادت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء أن مهمانبرست قال في معرض تعليقه على تصريحات الحريري الاخيرة: "إن اتخاذ موقف مخادع وفي اطار مصالح المحور الامريكي الصهيوني لا يصب بمصلحة لبنان فحسب وانما يهدد استقرار واستقلال المنطقة".
ورأى مهمانبرست أن "الحريري عليه من خلال الإدراك الصحيح لدروس الثورات الشعبية في الشرق الاوسط، أن يعرف ان معيار حكم الشعب هو احترام كرامة وشموخ واستقلال الشعب وتجنب التبعية للغرب وخاصة امريكا والصهيونية".
وأردف قائلا :"إن الجمهورية الاسلامية الايرانية تؤكد على سياستها الثابتة في التعامل الشامل مع جميع الاطياف اللبنانية ولبنان الموحد حيث برهنت على ذلك للجميع في الفترة الماضية والحالية , كما انها تشدد على احترام الحقوق المشروعة للشعب".
وعليه اعتبر أن "شرط البقاء في الحكم هو احترام مطالب الشعوب وليس التبعية لنظام الهيمنة" جازما أن "لبنان المقاوم ايضا لم ولن يكون استثناء من هذه القاعدة".
وردّاً على كلام وزارة الخارجية وصف المكتب الإعلامي للحريري كلام مهمانبرست بـ"الاتهامات التخوينية الصادرة على لسان الناطق باسم الخارجية الإيرانية بشأن اندراج كلام الحريري في إطار مصالح المحور الأميركي – الصهيوني، ما هي سوى هروب للأمام"، موضحا أن اتهامات إيران "محاولة للتغطية على المشاكل الحقيقية بشعارات ممجوجة ومكررة بمناسبة أو من غير مناسبة".
وأكد المكتب أن "المطلوب من النظام الإيراني، عوضا عن تكريس وقته وجهده للرد على المسؤولين في لبنان والبحرين والعراق وفلسطين، والكويت ومصر واليمن والمغرب والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، الكف عن التدخل في شؤون هذه البلدان".
وخلص مطالبا إيران الكف عن إثارة النعرات بين أبنائها، والعودة إلى شروط حسن الجوار".
يذكر ان الحريري اشار الخميس في كلمة القاها خلال افتتاح اعمال الدورة السادسة للملتقى السعودي – اللبناني الى أن "لبنان والعديد من الدول العربية، في الخليج وغير الخليج، تعاني سياسياً، واقتصادياً وأمنياً، من التدخل الإيراني السافر في الداخل العربي".
وأردف قائلا:"إن أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، وبينها لبنان يتمثل في الخروقات الإيرانية المتمادية للنسيج الإجتماعي للمنطقة العربية".
واشار الحريري الى ان "الدول العربية، لم تقارب هذا الأمر من زاوية العداء لإيران، وهي عملت على مدى سنين طويلة، في سبيل إستيعاب الفعل الإيراني الأمني والسياسي والمالي المتنامي في الساحات العربية، بالكثير من الحكمة والمسؤولية، على قاعدة أن إيران دولة صديقة وشقيقة، تتطلب العلاقة معها إلتزام موجبات الصداقة وحسن الجوار ووحدة الإيمان".
ولفت إلى أن "القيادة الإيرانية ترجمت هذا الأداء العربي المسؤول والدعوات المتتالية للإنفتاح، بأنه من علامات الضعف والإستسلام في الموقف العربي، فقررت الذهاب إلى أبعد مدى، في خرق المجتمعات العربية واحدةً تلو الأخرى".
وعليه تابع:"فما كان في لبنان، ثم البحرين ثم غيرها، إننا نقول بكل صدق ومسؤولية إن هذه السياسة الإيرانية لم تعد مقبولة، وإن الخطف المتدرج للمجتمعات العربية، تحت أي شعار أمر لن يكون في مصلحة إيران ولا في مصلحة العلاقات العربية – الإيرانية".
وشدد على أننا "نحن في لبنان، لا نرضى أن نكون محمية إيرانية، بمثل لا نرضى لإِخواننا، في البحرين أو الكويت أو أي دولة أن يكونوا محمية إيرانية".
وتجدر الإشارة إلى أن الحريري زار إيران للمرة الأولى في تشرين الثاني 2010.