جنبلاط: جعجع اشبه بشاهد زور اضافي

Read this story in English

اكّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط انه مرتاح إلى كل الأصداء البعيدة والقريبة حيال المبادرة السعودية ـ السورية التي ارتسمت أبعادها في حلقة داخلية صغيرة وسرية، بين الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشّار الأسد وابن الملك ومستشاره الأمير عبد العزيز، ومعهما صاحبا الشأن اللبناني رئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله.

واشار جنبلاط لصحيفة "الاخبار" الى انه لا يرى في الموقف الذي أعلنه مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، تخريباً للجهود السعودية ـ السورية لأن التسوية الكبرى التي تعدّ لها هذه تصبّ في ردم مفاعيل القرار الاتهامي في لبنان، "بذلك ينسجم الموقف الإيراني مع موقف "حزب الله"، ولا يستهدف المبادرة العربية".

ويوضح جنبلاط ، "بل أراد خامنئي ممّا أعلنه توفير أوسع حماية سياسية لحزب الله، لأن الإنجاز الأهم هو حماية المقاومة من أي صراع داخلي أو فتنة كما قال الرئيس سليم الحص، مشيراً الى ان "المقاومة مثل السمك في المياه. مياهها الوحدة الوطنية والحؤول دون إغراقها في أي صراع داخلي أو فتنة يخطط لها أو لا يخطط لها".

ورأى جنبلاط انه "لإيران امتداد في لبنان هو المقاومة. لكن في المقابل لقوى 14 آذار امتداد آخر لدى الأميركيين الذين يريدون تصفية حساباتهم في لبنان عبر هذه القوى، وخصوصاً المسلم السُّني والمسيحي".

واكّد جنبلاط أن "هناك اتفاقاً كاملاً بيني وبين رئيس الجمهورية على عدم طرح التصويت في مجلس الوزراء عند مناقشة ملف شهود الزور، بغية تفادي أزمة حكومية نحن في غنى عنها في ظلّ هذا الكمّ من الأزمات، وكي لا يعتكف رئيس الحكومة كما هدّد بذلك. لم أكن أنا، ولا رئيس الجمهورية، مع التصويت، ولم توحِ لنا سوريا بالتصويت. ولم يجرِ تصويت مباشر ولا غير مباشر".

وعن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، قال للصحيفة: "يكفي سمير جعجع تذاكياً. صار أشبه بشاهد زور. إنه شاهد زور إضافي. لم نصوّت لتجنّب أزمة حكومية"، مضيفاً، "أما موقفي من ملف شهود الزور، فمعروف: أنا مع إحالته على المجلس العدلي. أنا والرئيس الماروني متفقان ومتفاهمان تماماً".

واكمل، "لكن الغريب أن الرئيس الماروني المعتدل مرفوض من طائفته. هذه الطائفة لا تريد إلا الذين يتغنّون بها مثل بشير وأمين الجميّل وسمير جعجع. أما الموارنة المعتدلون فمرفوضون".

وعن استقرار لبنان، يرى جنبلاط، انه "من صنع الخارج، لا الداخل. نعم هناك استقرار في ظلّ المبادرة السعودية ـ السورية التي تؤيدها تركيا وإيران. إلا أن الداخل لا يستطيع أن يوفر استقراراً لأننا مجموعة أوطان وطوائف. طبعاً، هناك بعض الإيجابيات التي أسهمت في هذا الاستقرار كانكفاء السياسة الأميركية عن المنطقة. إلا أن التخريب الوحيد الذي نخشاه من الجنوب عبر إسرائيل. ليتنا في غنى عن كل التصريحات العشوائية التي تبلبل الوضع الداخلي. وأنا لا أتحدث هنا عن رموز قوى 14 آذار وحدها. النائب محمد رعد قال كلاماً كنا في غنى عنه كـ"يروحوا يبلّطوا البحر"، وسواه عن المهل. حسناً، إنه تراجع عنه. لكن الفريق الآخر اصطاده. وما حصل في طرابلس أخيراً خير معبّر عن ذلك".

وحذّر جنبلاط "من الرهان على التلاعب بالاستقرار، وتوقف عند ظاهرة بيع المسيحيين في جزين نزولاً إلى الساحل أراضيهم، قائلاً: "جميل أن يحذر البطريرك صفير من انقلاب ينفذه "حزب الله"، لكن الجميل أيضاً أن يعمدوا إلى تأليف لجنة من المستثمرين لحماية أراضي المسيحيين في الجنوب وتشجيعهم على البقاء عليها، وتوفير الطمأنات والضمانات لهم كي لا يتأثروا بأصحاب عروض شراء أراضيهم، فيبيعوها".

واكّد جنبلاط ان "سوريا تعمل على تخفيف عناصر التوتر في لبنان، ولها مصلحة مباشرة في ذلك، لكن إذا لاحظت أن اليد الأميركية ـ الإسرائيلية تريد الفتك بالاستقرار وافتعال فتنة، فمن المؤكد أنها ستتحرّك لأن أمنها سيتأثر بهذه الفتنة. لبنان هو خاصرتها".

واشار الى ان "ما يهم سوريا، وما كان يهمها دائماً في الماضي، هو أمنها الاستراتيجي الذي واجه سلسلة طويلة من محاولات استهدافه، بدءاً بحلف بغداد، مروراً باتفاق 17 أيار ثم حرب التحرير إلى القرار 1559. كانت تصفية حسابات أميركية مع سوريا بأدوات لبنانية".

ورأى ان "المشكلة إذاً هي أمن سوريا الذي تحميه اليوم المقاومة في الجنوب من أي محاولة اختراق إسرائيلية للخاصرة اللبنانية. لكن سوريا تحمي أيضاً المقاومة وتمنع ضربها بأدوات داخلية يستخدمها الأميركيون".

واوضح جنبلاط انه لذلك يقول "بحماية المقاومة والحؤول دون إدخالها في أي نزاع أو فتنة داخلية، لأن ذلك يعني إدخال سوريا في الفتنة وضرب أمنها".

واشار جنبلاط الى انه "لا جلسة ثالثة لمجلس الوزراء بعد جلستي 10 تشرين الثاني و15 كانون الأول"، موضحاً ان "قوى 8 آذار وضعت أولوية لا تتراجع عنها هي ملف شهود الزور، وهو ملف مهم، إلا أن هذا الإصرار يمثّل سلبية أيضاً".

وذكر ان "هناك تسوية كبرى تُعد لها المملكة وسوريا، فإذا بقوى 8 آذار تضع لها عنواناً صغيراً هو ملف شهود الزور". ويوضح، "لا أريد أن أصفه بالعنوان الصغير، بل أراه بإزاء التسوية الكبرى تفصيلاً".

ويردّد جنبلاط ان "الجميع في مأزق، قوى 8 و14 آذار، وأدخلونا جميعاً في هذا المأزق. أصبح كل أمر مجمداً في هذا البلد. لا حكومة، لا تنمية، لا تعيينات، كل شيء يكاد ينهار والمؤسسات تتفكك، والأزمات تنهك المواطنين جميعاً في هذا الفريق أو ذاك".

واكّد جنبلاط انه "لسنا في صدد طائف جديد ولا طائف آخر، وليس الآن هو التوقيت المناسب للبحث في تعديل الدستور وإعادة توزيع الصلاحيات الدستورية. التسوية الكبرى التي تسعى إليها الجهود السعودية ـ السورية، في ما أعرفه عنها، هو درء مفاعيل القرار الاتهامي في الداخل كي لا يؤدي إلى فتنة ويقوّض الاستقرار".

واوضح جنبلاط ان "الحريري جاهز لاتخاذ موقف من القرار الاتهامي يمنع اندلاع الفتنة في لبنان، لكنه يشير الى ان ذلك "تحت سقف المبادرة السعودية ـ السورية". ويرى "أن استعداده اليوم لموقف من القرار الاتهامي صار أفضل من السابق".

واضاف جنبلاط "لكنني أحذّر دائماً من العناصر التي إلى يمينه. ما حدث في مجدل عنجر كان سلبياً، وكذلك الأصوات التي ارتفعت في طرابلس قبل أيام، وخصوصاً أنها أطلقت مواقفها في حضور ممثل لتيّار المستقبل"، مكملاً ان "أحداث كهذه ليست في مصلحة الرئيس الحريري. أما إذا كانت بمعرفته بغية المزايدة، فذلك أسوأ. طبعاً أعرف أن الرئيس الحريري لا يغطي مفتعلي أحداث مجدل عنجر، لكن ما حصل يتطلب معالجة سياسية وأمنية في آن واحد. للحريري أحياناً ردود فعل تجعله متصلباً وغير متعاون، لكن ذلك من جراء ما يقوله عنه وفيه الفريق الآخر. يجب أن لا ننسى أن له جمهوره ورأياً عاماً معنياً به. ما دام قد أقرّ بشهود الزور فلننهِ الموضوع إذاً ونتخلص منه".

واشار جنبلاط الى معرفته بـأن الحريري "لا يريد تكرار تجارب الماضي بملاحقة جماعته. يريد أن يحمي أصدقاءه كي لا يعود إلى زمن الملاحقات التي عرفها الرئيس رفيق الحريري عام 2005 في موضوع الزيت مثلاً. يريد سعد الحريري حماية المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا.

واكّد جنبلاط "أعتقد أنه كان على الحريري على أثر ما أعلنه في صحيفة "الشرق الأوسط" عن شهود الزور واعترافه بهم، أن يذهب إلى الرئيس الأسد ويفاتحه في هواجسه، ويتفقا على مخرج لهذه القضية، لكنه لم يفعل".

واوضح ان "حلّ مشكلة شهود الزور يحتاج إلى جرأة، حتى وإن أصيب المعنيّ بشأن خاص، وإن اللبيب من الإشارة يفهم"، مشيراً الى ان "الحلّ بين يدي الحريري وحده".

وذكرت صحيفة "الاخبار" انه "منذ وقت طويل لم يلتقِ جنبلاط برئيس الحكومة، لكنه قرّر أن يزوره في الأعياد لمعايدته،وكان الحريري قد شكره هاتفياً عندما لم يصوّت وزراء جنبلاط في جلسة مجلس الوزراء في 10 تشرين الثاني".

ويذكر جنبلاط انه "عندما يزوره سيتحدّث معه في ما ينبغي عمله: هناك قطع للاتصال بينه وبين الرئيس الأسد، وبينه وبين الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ولا بد من العمل على إيجاد طريقة لمعاودة الحوار. لا أستطيع الاضطلاع بمثل هذا الدور لأن الموضوع يتجاوزني. هناك أزمة ثقة بينه وبين الرئيس السوري والسيّد نصر الله".

التعليقات 0